السيد نصر الله أول قائد تاريخي يقود حربًا بعد استشهاده
قد تكون هذه من أغرب الحروب التي نشهدها، في زمننا الراهن، والتي تشنّها “إسرائيل” ضدنا اليوم، سواء أكانت حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، أو الحرب التي تشنها بالتوازي ضد لبنان.
القادة الصهانية وعوا حقيقة أن فصائل المقاومة التي تنضوي تحت مظلة جبهة المقاومة، وعلى رأسها حزب الله، قد حققت تقدمًا كبيرًا في اكتساب عناصر القوة والمواجهة المسلحة، سواء أكان على صعيد المواجهة البرية، أو البحرية، أو حتى الجوية، وهي الأبعاد الثلاثة التي شكّلت عماد المواجهات العسكرية خلال القرن العشرين.
إذ في العام 2006، وخلال العدوان الصهيوني على لبنان، فاجأت المقاومة العدو الصهيوني بمهاراتها وإمكاناتها البرية حين تمكّنت من دحر قوات الاحتلال وتدمير دباباتها في وادي الحجير وسهل الخيام..، بالتوازي مع ذلك فلقد فاجأت المقاومة العدو حين تمكّنت من استهداف إحدى بوارجه الحربية ما أدى إلى مقتل وجرح عشرات من جنود بحريته وإجبار العدو على الابتعاد عن الشواطىء اللبنانية.
هذه القدرات تبلورت أكثر، خلال الحرب الحالية، مع ما أظهرته المقاومة الفلسطينية من قدرات في المواجهة البرية أدت الى تدمير آلاف الدبابات والمركبات “الإسرائيلية” وقتل وجرح آلاف الجنود الصهاينة، أو ما أظهرته المقاومة اليمنية من قدرات في المواجهة البحرية عبر امتلاكها صواريخ قادرة على استهداف اقوى وأعتى البوارج وحاملات الطائرات الاميركية والغربية.
كذلك أظهرت هذه الحرب امتلاك قوى جبهة المقاومة لقدرات على المواجهة الجوية، خصوصًا عبر المسيرات المتطورة والقادرة على مقارعة العدو من مسافات بعيدة، ما جعلنا نشهد هجمات بالمسّيرات تشنها المقاومة اليمنية وفصائل المقاومة العراقية من مسافة الآف الكيلومترات ضد العدو الصهيوني، عدا عن قدرة المقاومة الفلسطينية وخصوصًا اللبنانية للمسيّرات، بشكل عالي الفعالية، تجلى باستهداف مسيّرة لحزب الله لقاعة طعام للجيش الصهيوني قرب حيفا ما أدى إلى مقتل وجرح مئة منهم في ضربة واحدة.
لقد كان العدو يعي حجم القدرات العسكرية والخبرات القتالية التي راكمتها فصائل المقاومة، وعلى رأسها حزب الله، لذلك هو نقل المعركة إلى بعد رابع هو الفضاء السيبراني الافتراضي متوقعًا أن يكون له تفوق ساحق في هذا المجال لما له من قدرات واسعة في مجال التكنولوجيا السيبرانية التي تعززها إتاحة الغرب له للوصول إلى كل جديد في مجال التقدم التكنولوجي الذي يحصل. لذلك؛ حضر العدو نفسه سرًا لتوجيه سلسلة ضربات قاسية ومفاجئة لحزب الله؛ تمثلت أولًا بتفجير أجهزة تلقي الرسائل “البيجرز” ثم أجهزة الإرسال اللاسلكي “ووكي توكي” ثم اغتيال عدد كبير من القادة العسكريين ليليها اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
كان العدو يتوقع أن تؤدي هذه الضربات الموجعة إلى شلّ المقاومة وانهيارها في الميدان عند أول احتكاك بري مع قوات المقاومة. ولكن خاب ظنه حين بدأ حربه البرية ضد لبنان؛ ليجد أن شبان المقاومة يكيلون له الضربات، في العديسة ومارون الراس وكفركلا والمطلة وغيرها، موقعين في صفوفه مئات القتلى والجرحى فيما كانت القوة الصاروخية للمقاومة تستهدف العمق الصهيوني مسببة بشلل تام فيه. في هذه الأثناء بدأ يخرج إلى العلن كلام للسيد نصر الله قاله للمجاهدين في محطات سابقة قبل استشهاده لتوجيه شبان المقاومة خلال مقاومتهم للعدو . لقد شكّل هذا صدمة للعدو باعتبار أن السيد وإن لم يكن موجودًا بجسده لكنه لا يزال وسيظل موجودًا بفكره وروحه وتوصياته كمدرسة في الميدان ما يعطي زخمًا وقوة دافعة للمقاومين للاستبسال في الجبهة والخطوط الأمامية.
لقد غرف السيد الشهيد من موروثه الديني المستند إلى نهج الانتظار لعودة الإمام المغيّب صاحب الزمان، الإمام المهدي (عج)، لينقل المعركة مع العدو إلى بعد خامس وهو البعد الغيبي والروحي الذي لا يمكن حسابه ببعده المادي؛ ما يجعل العدو عاجزًا عن المواجهة في هذا البعد، ولينقلب تفوقه في المجال السيبراني إلى عجز نشهده اليوم في ميدان المعركة، ما يؤذن بفشله وهزيمته وانتصار المقاومة.
موقع العهد الاخباري