مصريون عن السيد الشهيد نصر الله: كنا نرى فيه صورة عبد الناصر
“كنت أرى في السيد حسن نصر الله الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، لأن بينهما مشتركات الكاريزما والشخصية الآسرة والعداء للكيان الإسرائيلي، وحتى في طريقة الموت والسبب”.
لا تموت أي مقاومة أو تخبو شعلتها بموت واستشهاد قائدها، فلهيب كل نضال وطني في سبيل التحرر لا تخمد جذوته إلا بالنصر، هذا ما كتبته صفحات التاريخ، وهكذا ما أخبرتنا عنه الكتب وسير المقاومين. وعلى رأس حركات المقاومة، يأتي حزب الله، رافعاً راية التحدي والصلابة والشجاعة ضد عدوان غاشم قتل البشر ودمر الحجر في فلسطين ويرتكب المجازر في لبنان على مدار الساعة، ظناً منه أن الاغتيالات التي يشهر سلاحها عبر الجو، قد تكسر الراية أو تُصمت البنادق أو تغتال الأفكار.
“جبهة لبنان لن تتوقف إلا بعد وقف العدوان على غزة”، هكذا كانت الكلمات الأخيرة للشهيد السيد حسن نصر الله، رأس هرم حزب الله، وسيد المقاومة الإسلامية وقائدها، وابن الحي الفقير “شرشبوك” شرقي بيروت، والذي سطر فصلاً جديداً من تاريخ لبنان والمنطقة، ودفع روحه غالية دعماً لغزة ودفاعاً عن لبنان وأهله بعد أن بث الروح الثورية في نفوس مئات الآلاف من السائرين على درب النصر والزوال الحتمي للكيان الإسرائيلي.
وبين السيد حسن نصر الله والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر نقاط مشتركة في قوة العزيمة وشكيمة الاستمرارية وجذوة التضحية في سبيل تحرير القدس والمسجد الأقصى وإقامة دولة فلسطينية. ليس ذلك فحسب، بل تزامن تاريخ ارتقاء القائدين الخالدين في يومين متقاربين مع اختلاف الأعوام، وكأنما القدر شاء أن يربط بينهما في الرحيل مثل النضال الذي امتزج بتقديم روحيهما فداء للقضية الفلسطينية وتحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي.
“يوم رحيل السيد نصر الله، كان يوم حزين مثل يوم 5 حزيران 1967، يوم هزيمة مصر من إسرائيل”، هكذا يقول علي حسنين بديوي، وهو رجل ثمانيني، بمسحة حزن كست وجهه. ويضيف لـلميادين نت: “كنت أرى فيه عبد الناصر، لأن بينهما مشتركات الكاريزما والشخصية الآسرة والعداء للكيان الإسرائيلي، وحتى في طريقة الموت والسبب، فعبد الناصر قتل بالسم مثلما قالت بعض الروايات إن إسرائيل وراء عملية الاغتيال، ونصر الله قتل بقنابل إسرائيلية غادرة وجبانة.. والسبب هو موقف تجاه القضية الفلسطينية التي أخلصا لها حتى ارتقائهما”.
الدماء التي سالت تحت الركام أسفل حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، والقنابل الغادرة التي نالت من سماحته وإخوانه في تلك الحرب غير المتماثلة، ستلاحق لعنتها الصهاينة أينما حلوا أو رحلوا، وستكون وقود الدفع لقواعد المقاومة للاستمرارية. في هذا السياق، يقول المهندس المصري محمود فتح الله صابر: “لقد ارتقى السيد حسن نصر الله شهيداً عظيماً على طريق القدس، بعد أن بات رمزاً لمحور المقاومة ولكل المناضلين من أجل الحرية والتحرر”، مضيفاً في حديثه لـلميادين نت: “لن نقول له وداعاً أو فقدانك خسارة أو نتحدث بكلمات رثاء، فذلك لا يرقى لهذا المقام، والشهداء باقون ما بقيت أفكارهم، وهذا ما غرسه سيد المقاومة”.
ويرى الشاب الأربعيني، والأب لطفلين، أن “الخاسر الأكبر من استشهاد السيد حسن نصر الله، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، كيان الاحتلال نفسه، فهما كانا رمانتا الميزان، بحكمتهما ودبلوماسيتهما وصبرهما وتريثهما، والآن سيرى الكيان لهيب النار يجتاحه من جبهتي الشمال وغزة معاً، نظراً لحماسة الشباب المقاوم المندفع من جراء كسر الاحتلال كل الخطوط الحمر”. بدوره، لفت الرجل السبعيني معروف جمعة إلى أن “للسيد حسن نصر الله حضور آسر ومهيب وقوة بيان وحجة؛ وهي صفات لازمته حتى لحظة استشهاده.. كانت كلماته تستأثر القلوب، وخسارتنا فيه كبيرة،آمن بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة وحق لبنان في استرداد أرضه”.
اغْرَوْرَقَتِ عين جمعة وفاضت بالدموع، مضيفاً: “كان قائداً عظيماً شجاعاً صامداً مستبسلاً، ومن أبرز وأشد المقاومين الذين امتلكوا الجرأة في وجه الكيان المحتل”. جمعة الذي ترى في وجهه تجاعيد الزمن والكفاح وهو متقاعد بعد عمله لمدة 40 عاماً في البريد المصري، يشير إلى أن “اغتيال السيد حسن نصر الله، فعل الجبناء والخونة، ولا يمت للشرف العسكري، أو مدعاة للفخر من جانب الصهاينة”.